التسويق السلبي| الجدل والإثارة أم الخطر والمواجهة؟

التسويق السلبي

ظهر مصطلح التسويق السلبي بقوة في الآونة الأخيرة، وتحدّث عنه الكثير من الأشخاص مع ذكر استراتيجيات التسويق السلبي ومناقشات وبحوث حول إمكانية الاستفادة من التسويق السلبي؟ ومتى يمكننا البدء بالتسويق السلبي ولماذا؟ وما النتائج المرجوة من المخاطرة بهذا التسويق؟

فما الحقيقية خلف هذا المصطلح؟ وما الذي يخفيه ومن أين أتى؟ وكيف أصبحت السلبية أحد استراتيجيات التسويق التي تجني النتائج الإيجابية؟

سنكشف في مقالنا كل الأوراق المتعلقة بهذا الموضوع فتابع معنا.

ما هو التسويق السلبي؟

يُقال في التسويق السلبي بأنه استراتيجية تسويقية مبنية على انتقاد أو مهاجمة منتج أو علامة تجارية منافسة للإشهار بسمعتها واكتساب ميزات إضافية تحول العملاء من تلك العلامة إليك. فهل هذا هو التسويق السلبي حقاً؟

ماذا إن أخبرتك بأن بعض الشركات تستخدم التسويق السلبي على منتجاتها أي أنها تتعمد الاستهزاء أو إظهار عيب ما في منتجها، فما الهدف من ذلك؟

نلاحظ دوماً بأن الأخبار السلبية أكثر انتشاراً من الأخبار الإيجابية لذلك فإن خبر سلبي لمنتج أو شركة ما قد يحصل على الأضواء أكثر فيما إذا كان إيجابياً. لكن هنا تكمن خطورة الأمر فقد يحرق هذا الإعلان الشركة واسمها إذا لم يتم الاستفادة من هذه السلبية بشكل إيجابي!

فمن أين أتت هذه الفكرة وكيف لشركة أن تخاطر باسمها!

إليك حقيقة الأمر، حدث ذلك من باب الصدفة أي أن بعض الشركات تعرضت للتسويق السلبي بدون تفكير أو قرار منها، وقعت في خطأ ما لم تكن تتوقعه، لكن بعد وقوع الأمر قاموا بتداركه وحصلوا على نتائج إيجابية وهنا ظهر مفهوم التسويق السلبي وبدأت بعض الشركات تتعمد اللجوء إليه، بحيث تصدر إعلان سلبياً ثم تعمل على استثماره لمصلحتها.

التسويق السلبي

حملات التسويق السلبي وكيفية استقبالها

يمكن أن تكون حملات التسويق السلبي لا تُنسى، وغالباً ما تُثير الجدل والنقاش. فيما يلي أمثلة على استخدام الشركات لهذه الاستراتيجية، إلى جانب نتائجها أو كيفية تعاملها مع تداعيات هذه الأساليب:

1.آبل ضد مايكروسوفت:

الحملة: “احصل على ماك” قامت آبل بتجسيد أجهزة ماك وأجهزة الكمبيوتر الشخصية بنظام ويندوز بشخصيتين: “ماك” شاب عصري، و”جهاز كمبيوتر” رجل أكبر سناً أقل تميزاً ويواجه صعوبة في مواكبة إمكانيات ماك وسهولة استخدامه.

الاستجابة: شعرت مايكروسفت أن هذا التصوير السلبي لأجهزة الكمبيوتر الشخصية (وبصورة ضمنية لنظام Windows) غير منصف. لذا أطلقت حملة “أنا جهاز كمبيوتر“، الفكرة وراء هذه الحملة إظهار تنوع الأشخاص حول العالم الذين يستخدمون أجهزة الكمبيوتر الشخصية لأغراض مختلفة، حيث أظهرت أشخاص من مختلف المهن والخلفيات يعلنون “أنا جهاز كمبيوتر” ويبرزون الأعمال التي يقومون بها باستخدام أجهزة الكمبيوتر الشخصية. هدف هذا النهج إلى مواجهة الصورة النمطية وإبراز شعبية مايكروسفت.

2. بيبسي ضد كوكاكولا:

الحملة: وهي حملة تسويقية سلبية ضد كوكاكولا بشكل مباشر. قامت بيبسي بدعوة المستهلكين إلى اختبارات تذوق أعمى لمقارنة طعم كل من بيبسي وكوكاكولا. ففضل عدداً كبيراً منهم بيبسي وهذه النتيجة التي أعلنت عنها بيبسي بشكل كبير في حملاتها التلفزيونية.

الاستجابة: ردت كوكاكولا على بيبسي بطرحها لـ “كوكاكولا الجديدة” والتي لسوء الحظ كانت فاشلة، الأمر الذي دفع المستهلكين للمطالبة بإعادة المشروب الأصلي، مما أدى إلى إعادة طرح “كوكاكولا كلاسيك”.

لا تزال كلتا العلامتين تتنافسان على السيطرة على السوق، حيث تكيّفان استراتيجياتهما مع الأذواق والتفضيلات المتغيرة للمستهلكين.

3. سامسونغ ضد آبل:

الحملة: عرضت سامسونغ العديد من الإعلانات التي تسخر من منتجات آبل ومستخدميها، مستغلة بعض النقاط التي تعتبرها نقاط ضعف في منتجات آبل، مثل عدم وجود مدخل للسماعات في الإصدارات الجديدة من الآيفون. أو ارتفاع أسعار منتجات آبل مقارنة بما تقدمه سامسونغ من مواصفات في أجهزتها بأسعار أقل.

الاستجابة: لم ترد آبل على هذه الحملات بطريقة مباشرة، بل اختارت التركيز على جودة منتجاتها، الابتكار، وتجربة المستخدم الفريدة التي تقدمها أجهزة آيفون وأجهزة آبل الأخرى. كما أن آبل عززت من حملاتها التسويقية التي تبرز فيها القيم والمبادئ التي تقف وراء منتجاتها مثل الخصوصية، الأمان، والاستدامة.

عند معالجة حملات التسويق السلبي، يكون أمام الشركات خياران رئيسيان: الرد المباشر على الانتقادات أو التركيز على نقاط قوتها وقيمها دون الدخول في مواجهة مباشرة. يعتمد النهج المختار على هوية العلامة التجارية وأهداف التسويق وطبيعة الحملة السلبية. تختار بعض الشركات الرد بالفكاهة أو الإعلانات المقارنة الخاصة بها، بينما تعزز أخرى الصفات الإيجابية لعلامتها التجارية، بهدف الارتقاء فوق سلبية المنافسين.

التسويق السلبي

شركات كبرى وقعت ضحية التسويق السلبي بغير قصد

يحصل أن تقع بعض الشركات في التسويق السلبي بغير قصد منها، وينتشر إعلانها بشكل واسع ولكنه انتشاراً سلبياً! وقد يؤدي أحياناً إلى تدمير سمعة الشركة وضعف مبيعاتها وأرباحها. وسنقدم في مقالنا بعض الأمثلة عن حالات فشل تسويقي كارثية واجهتها بعض الشركات الكبرى:

1. إعلان بيبسي:

هل سبق وأن رأيت البيان الذي قدمته بيبسي؟ والذي قالت فيه: “بيبسي كانت تحاول تقديم رسالة عالمية عن الوحدة والسلام والتفاهم، ومن الواضح أننا أخفقنا، ونحن نعتذر، لم نكن نقصد الاستخفاف بأي قضية جادة.”

إليك ما حصل حينها:
قامت بيبسي ببث إعلان يظهر فيه متظاهرين ضد الشرطة، وكانت النجمة التلفزيونية وعارضة الأزياء الأميركية “كيندال جينر” تشارك في المظاهرة. فتذهب لتقديم زجاجة بيبسي إلى ضابط الشرطة مما جعله يبتسم ومن ثم يبدأ المحتجون في الهتاف والعناق.

هذا الإعلان لاقى انتقادات كثيرة في وسط الأمريكيين بحيث اعتبروه أنه قلل من شأن الاحتجاجات. فاضطرت الشركة لسحب الإعلان وتقديم الاعتذار للأمريكيين وجينر.

2. إعلان Just For Feet:

الذي أدى إلى تراجع مبيعات الشركة، مما دفعها إلى مقاضاة وكالة الإعلان Saatchi & Saatchi بتهمة الإهمال المهني، وطالبت الشركة بتعويض قدره 10 ملايين دولار. فما الذي تضمنه هذا الإعلان؟

تم بث إعلان Just For Feet السلبي عام 1999 حيث يظهر شاب أسود يحاول الهروب من أربعة رجال بيض، ومن ثم يجبرونه على ارتداء حذاء من الشركة. الأمر الذي أثار انتقادات واتهامات للشركة بالعنصرية، وفقدت شعبيتها ومبيعاتها.

وتطول الأمثلة تحت هذا العنوان لشركات كبرى أفلست نتيجة خطأ لم تلاحظه ولم تراعي به ردة فعل الجمهور. الأخبار السلبية سريعة الانتشار، خطأ واحد قد يهدم كل ما بنيته وحلمت به، لذلك على الشركات أن تدرك أهمية التسويق الأخلاقي والمسؤول، وأن تدرك أن أي حملة تسويقية تخالف قيم المجتمع أو تسيء إليه ستواجه نتائج كارثية.

التسويق السلبي

استراتيجيات التسويق السلبي

التسويق السلبي لا يُعرف بالضرورة على أنه “استراتيجيات” بقدر ما يُعتبر طريقة أو تقنية يستخدمها بعض المسوقين لتسليط الضوء على سلبيات المنتجات أو الخدمات المنافسة بدلاً من التركيز على الإيجابيات الخاصة بهم.

ويحدث أحياناً أن يؤدي هذا الأسلوب إلى زيادة مبيعات الشركة ومنافستها في حال قام المنافس بالرد المناسب على الإعلان السلبي الموجه ضده. وقد يتسبب في إفلاس الشركة وتعرضها للانتقاد والمقاطعة.

وكما ذكرنا أعلاه يحدث أحياناً أن تقع الشركات ضحيةً للتسويق السلبي بغير تعمد منها، فإن لم تحسن التصرف وتدارك الأمر ستفلس لا محالة. وهنا يمكننا أن نسأل ما هي استراتيجيات التعافي من التسويق السلبي؟

  • الاعتراف بالمشكلة: أول خطوة نحو التعافي هي الاعتراف بالمشكلة ومعالجتها علناً. حتى يرى العملاء أن الشركة مسؤولة وجادة في حل المشكلات.
  • الاستثمار في الجودة: تأكد من معالجة القضية ومن ثم ركز على رفع جودة منتجك وتقديم الأفضل لتعود ثقة عملاءك بك.
  • التركيز على الابتكار: قم بتحويل التهديد الذي تعرضت له إلى فرصة للابتكار وتحسين ما تقدمه للعملاء.
  • التعاون مع العلامات التجارية الأخرى: البحث عن فرص للتعاون مع علامات تجارية معروفة ويثق بها الأشخاص. يمكن أن يساعدك ذلك في تحسين صورتك والوصول إلى جماهير جديدة.

التعافي من التسويق السلبي يتطلب وقتاً وصبراً، واستراتيجية مدروسة. من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات يمكن أن تعود الشركة للسوق بقوة أكثر وتتمكن من بناء علاقة أكثر إيجابية مع الجمهور. قد يكون التهديد فرصة للنمو والتغيير والابتكار فلا تستسلم يمكنك أن تنهض من جديد.

يشبه التسويق السلبي لعبة شطرنج معقدة، حيث تُستخدم الاستراتيجيات لكشف نقاط ضعف الخصم، مع الحذر من الوقوع في الفخاخ. ولكن، ماذا لو تحولت هذه اللعبة إلى حرب ضارية؟ ماذا لو تحولت إلى ساحة معركة تُهدد بانهيار الشركات؟

إنّ حادثة بيبسي وجينر، وحادثة Just For Feet هما نموذجان لما يمكن أن يسببه التسويق السلبي من دمار. لذلك، على الشركات أن تدرك خطورة الوقوع ضحيةً للتسويق السلبي وتدرك أهمية انسجام حملاتها الإعلانية مع المجتمع وأفكاره.

في النهاية، لا يُمكن لأي شركة أن تبقى على قيد الحياة لفترة طويلة إذا استمرت في مهاجمة منافسيها دون التركيز على تحسين منتجاتها وخدماتها. وتذكر دائماً أن التركيز على القيم والابتكار والمسؤولية، هو مفتاح النجاح في عالم التسويق.

في سيدل، نقدم لك خدمات التسويق الرقمي بناءً على استراتيجيات تسويقية مدروسة من قبل مختصي التسويق لدينا. تواصل معنا واحجز استشارتك التسويقية المجانية، لنبدأ رحلتنا في عالم التسويق معاً.

مشاركة المقال

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المزيد من المقالات

سيدل

تم إنجاز العمل بالكامل من قبل فريق سيدل، جميع الحقوق محفوظة.